مفهوم العفو والتسامح والعلاقة بينهما
مفهوم العفو
لغة: المحو والطمس والترك، يقال عفت الرياح الآثار إذا أخفتها ومسحتها. واصطلاحا: هو كف الضرر عن مستحقه مع القدرة عليه، وكل من استحق عقوبة فتركها فهذا الترك عفو. فهو إذن إسقاط العقوبة عن المذنب مع القدرة على إلحاق العقوبة به.
مفهوم التسامح
لغة: من سمح إذا لان وسهل. يقال: عود سمح أي لين سهل الانكسار. واصطلاحا: هو التجاوز عن أخطاء الآخرين ووضع الأعذار لهم، والنظر الى مزاياهم وحسناتهم بدلا من التركيز على عيوبهم وأخطائهم. وهو خلق يشمل المعاملات الاجتماعية والمالية وغيرها.
العلاقة بين العفو والتسامح
إذا كان العفو هو إسقاط الذنب. فمن عفا عن أحد فقد امتنع عن العقوبة مهما كانت إلا أن المؤاخذة عن الذنب لا تسقط، فإن التسامح هو إسقاط المؤاخذة واللوم بغض النظر عن إسقاط العقوبة عن المذنب، فالمسامح يترك المؤاخذة واللوم ويتصرف كأن شيئا لم يكن ولو كان المذنب نال عقابه.
ولهذا فالعلاقة بينهما هي علاقة تكامل فالشخص المتصف بخلق العفو والتسامح مع أفضل وأشرف من المتصف بأحدهما فقط.
العفو والتسامح أساس نشر المحبة وتماسك المجتمع
لقيمتي العفو والتسامح دور كبير في إصلاح المجتمع وتماسكه، ونشر المحبة وسيادة الأخوة بين أفراده، لأن العفو والتسامح:
- من صفات الله تعالى عز وجل فهو يعفو عن السيئات ويبدلها حسنات كلما تقرب إليه عبده واستغفره وأناب إليه، قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ} [الشورى/25]
- وقال صلى الله عليه وسلم في الدعاء المشهور: «اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني» [رواه أحمد والترمذي وغيرهما].
- من أخلاق الأنبياء والرسل عليهم أفضل الصلاة والسلام فسيرهم حافلة بمواقف العفو والتسامح، ويوسف عليه السلام قال لإخوته: {لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ ۖ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ ۖ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [يوسف/92]، ومحمد عليه الصلاة والسلام قال لأهل مكة يوم الفتح: "اذهبوا فأنتم الطلقاء" [رواه البيهقي في سننه].
- من صفات عباد الله الصالحين الذين يقابلون الإساءة بالإحسان، والذنب بالعفو والغفران، فقد مدح الله هؤلاء في كتابه قائلا: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران/134].
والسؤال الذي يطرح نفسه: هل العفو دائما محمود حتى إذا استمر شخص في الإساءة إليك وتمادى في إساءته؟
والجواب: لا ! فالهدف من العفو هو الإصلاح وتغليب أخوة الدين فإن لم يتحقق الإصلاح وتترسخ الأخوة مع تكرار العفو، وتمادى المسيء في إساءته الى درجة تسبب الأذى البالغ للمساء إليه، فهنا وجب الأخذ بالحق، والمطالبة بعقوبة المسيء لذلك فإن تطبيق القاعدة الشرعية يفضي الى أن: «الإصلاح واجب، والعفو مندوب، فإذا كان في العفو فوات الإصلاح فمعنى ذلك أننا قدمنا مندوبا على واجب وهذا لا تأـى به الشريعة».
كيف أكتسب خلق العفو والتسامح ؟
- بأن أحب للأخرين ما أحب لنفسي، وأعفو عن المسيء كما أحب أن يعفو الناس عني إذا أخطأت.
- بالرفق بالمسيء وبإيجاد العذر له قبل أن أتسرع برد الإساءة بالإساءة فأندم.
- بالاقتداء بخلق الأنبياء والمرسلين صلوات الله عليهم، وبخلق عباد الله الصالحين، فأتسامح مع الناس في معاملاتي. قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «رحم الله عبدا سمحا إذا باع، سمحا إذا اشترى، سمحا إذا اقتضى» [رواه ابن ماجة].
0 comments:
إرسال تعليق